** لم أكن قد تجاوزت سن التاسعة عشرة من عمري.. عندما اصطحبني والدي إلى مجلسه الخاص.. وأجلسني على بعد خطوات منه.. يرحمه الله رحمة الأبرار.
** ويومها تلقيت أول درس في حياتي، وأنا أستمع إلى هذا الإنسان البهي في فكره.. وفي طلاوة حديثه.. وفي رقي تعامله.. وفي احترامه للغير.. وفي بعد نظره.. وفي حكمته.
** يومها كان حديث الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية آنذاك.. عن الوطن.. وكيف نحمي الوطن.. وكيف ندافع عنه.. وكيف نصونه.. وكيف نرتقي بأنفسنا وبعطاءاتنا.. وبإخلاصنا وولائنا له إلى مستوى قداسته.. وعظمة تاريخه..
** قال لنا الأمير.. ولم يكن عدد الحضور يتجاوز خمسة وعشرين شخصا: «أنتم في هذه البلاد محظوظون يا إخوان.. لأنكم في بلد الإسلام الأول.. وأصحاب رسالة حملها نبي الله محمد بن عبدالله.. وتجسدت من خلال كتاب الله العظيم.. وبلغته العربية الزاخرة بكل المعاني الروحية والأخلاقية والإنسانية.. وأنتم في موطن العروبة الأعظم الذي ترك بصمات ثقافته على كل ثقافات العالم وموروثاته.. ونحن الذين وصفهم كتاب الله جلت قدرته (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.... الآية).
** فكيف لا نعتز بديننا.. وفكرنا.. وعروبتنا؟ وكيف لا نعظم مكانة بلادنا وهي أرض القداسة والطهر؟ وكيف لا نتشرف بأن ننتمي إليها بقوة.. ونحافظ على مكانتها ومكتسباتها العظيمة؟ ألم أقل لكم إننا شعب محظوظ بعقيدته.. بتاريخه.. بقيادته.. بإنسانه.. وبكل ذرة رمل فيه».
** ومنذ ذلك اليوم تفتق ذهني على مفهوم المواطنة الحقة.. في بلد هو خير البلدان.. وفي أرض هي أقدس وأطهر مكان..
** لقد زرع الأمير نايف في أعماقي كشاب صغير أخذ يتدرج في سلم هذه الحياة.. ويتلمس طريقه فيها خطوة خطوة وراء رجال كبار صنعوا تاريخ هذه البلاد وحافظوا عليها.. وارتفعوا بأوجه الحياة فيها.. تعليما.. وثقافة.. واقتصادا.. وأمنا.. وحقوق إنسان إلى الدرجة التي أصبح فيها الواحد منا يعتز بأنه ينتمي إلى هذا الوطن العظيم الذي أسسه الملك عبدالعزيز يرحمه الله رحمة الأبرار.. وبعده أبناؤه الأجلاء سعود وفيصل وخالد وفهد.. وعبدالله الذي نعيش في كنفه واحدا من أزهى العصور وأبهاها ونتفيأ ظلال بلد حباه الله من الإيمان.. والأمن.. والتوحد.. والقوة والصلاح ما نستطيع أن نفاخر به.. ونعتز بانتمائنا إليه ونتفانى في خدمته.. والحفاظ عليه من كل مكروه.
** كل ذلك تذكرته يوم أمس.. وأنا أقف في مشهد مهيب أودع الرجل الرجل.. والقدوة القدوة.. والشموخ الشموخ الذي عرفت به شخصيته المتميزة بكل خصائص القيادة والريادة والتميز.. فكرا.. ووطنية..وقوة شكيمة.. وبعد نظر.. فقد فرض احترامه على كل من عرفه.. أو اقترب منه.. أو تعامل معه في مواقع المسؤولية المختلفة.. وفي أوساط حياتنا المتعددة.
** وإذا كان هناك ما لا يمكن أن أنساه لسموه يرحمه الله .. طوال حياتي وأنا أقف في مشهد وداعه المهيب يوم أمس فهو قوله لي ذات مرة:
«أنت ابننا.. ووالدك أخونا.. وصديقنا وحبيبنا.. وأريدك أن تقتدي به.. وتسير على نهجه.. وتتعلم منه كيف يكون الكفاح والجهاد من أجل هذا الوطن العظيم.. فهو ابن مكة المكرمة التي شرفها الله.. وكل أبناء مكة، بل وأبناء هذا الوطن شرفاء.. ومخلصون لعقيدتهم .. ومليكهم.. وبلادهم.
قال لي سموه الكريم – يرحمه الله – هذا الكلام المؤثر وهو يغادر منزل والدي ذات أمسية رمضانية لا يمكن أن أنساها عندما شرفنا.. وسط حضور كبير من أبناء المملكة الذين جاءوا ليستمعوا إليه.. ويتزودوا بالكثير من حكمته.. وفي وقت كانت المنطقة تمر بظروف عصيبة.. شدد فيها سموه على الحضور بأن يتمسكوا وأن يعتصموا بحبل الله.. وأن يثقوا به.. وأن يتأكدوا بأن بلدهم ينعم بالأمان والاستقرار ما دام أن فيه شعبا مؤمنا.. وصادقاً.. وصدوقاً.. مع نفسه.. وقيادته وتراثه.
** هذا هو نايف بن عبدالعزيز الذي فقدناه أمس.. ولكننا لن ننساه.. ولن تغادر مآثره الجليلة قلوبنا جميعا كوطن وكمواطنين، لأنه رسم في أعماقنا كل معاني الوفاء والولاء الصادق.. نحو وطن هو الأعظم.. ونحو قيادة هي المصدر الأول لطاقات الحب.. والعطاء.. والتآخي.. والمودة التي تجمع بيننا وتجعلنا نقبل ثرى هذا الوطن.. ونخلص له.. ونحافظ عليه ونعاهد الله على أن نكون جنودا مجندين لمواصلة بنائه ونمائه وتقدمه.. وتأمين سلامته.. بما يترك لنا «نايف» من إرث خالد على مدى التاريخ.
** وإنها للحظات حزينة أن نودعه اليوم.. ولكننا ومن منطلق الإيمان بالله.. ومن موقع الثقافة التي غرسها في نفوسنا الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز ومن سبقوه من الملوك والأمراء الصالحين والمصلحين.. فإننا نقف اليوم وقفة إنسان واحد.. آمن بالله ربا.. وبالإسلام دينا.. نقف ونردد في دواخلنا: فليرحمك الله يا سيدي الأمير.. وليبارك لنا في عمر ولي أمر هذه الأمة ويطيل في عمره.. وسوف لن ننساك ما حيينا.. بعد أن تركت لنا إرثا عظيما من الإحساس بالقيم الإنسانية الخالدة.. وإلى أن يجمعنا الله بك في الدار الآخرة نقول لك يا سيدي.. وداعا.. وإن عشت معنا وفي داخل عقولنا ونفوسنا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
* رئيس مجلس إدارة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر
** ويومها تلقيت أول درس في حياتي، وأنا أستمع إلى هذا الإنسان البهي في فكره.. وفي طلاوة حديثه.. وفي رقي تعامله.. وفي احترامه للغير.. وفي بعد نظره.. وفي حكمته.
** يومها كان حديث الأمير نايف بن عبدالعزيز وزير الداخلية آنذاك.. عن الوطن.. وكيف نحمي الوطن.. وكيف ندافع عنه.. وكيف نصونه.. وكيف نرتقي بأنفسنا وبعطاءاتنا.. وبإخلاصنا وولائنا له إلى مستوى قداسته.. وعظمة تاريخه..
** قال لنا الأمير.. ولم يكن عدد الحضور يتجاوز خمسة وعشرين شخصا: «أنتم في هذه البلاد محظوظون يا إخوان.. لأنكم في بلد الإسلام الأول.. وأصحاب رسالة حملها نبي الله محمد بن عبدالله.. وتجسدت من خلال كتاب الله العظيم.. وبلغته العربية الزاخرة بكل المعاني الروحية والأخلاقية والإنسانية.. وأنتم في موطن العروبة الأعظم الذي ترك بصمات ثقافته على كل ثقافات العالم وموروثاته.. ونحن الذين وصفهم كتاب الله جلت قدرته (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله.... الآية).
** فكيف لا نعتز بديننا.. وفكرنا.. وعروبتنا؟ وكيف لا نعظم مكانة بلادنا وهي أرض القداسة والطهر؟ وكيف لا نتشرف بأن ننتمي إليها بقوة.. ونحافظ على مكانتها ومكتسباتها العظيمة؟ ألم أقل لكم إننا شعب محظوظ بعقيدته.. بتاريخه.. بقيادته.. بإنسانه.. وبكل ذرة رمل فيه».
** ومنذ ذلك اليوم تفتق ذهني على مفهوم المواطنة الحقة.. في بلد هو خير البلدان.. وفي أرض هي أقدس وأطهر مكان..
** لقد زرع الأمير نايف في أعماقي كشاب صغير أخذ يتدرج في سلم هذه الحياة.. ويتلمس طريقه فيها خطوة خطوة وراء رجال كبار صنعوا تاريخ هذه البلاد وحافظوا عليها.. وارتفعوا بأوجه الحياة فيها.. تعليما.. وثقافة.. واقتصادا.. وأمنا.. وحقوق إنسان إلى الدرجة التي أصبح فيها الواحد منا يعتز بأنه ينتمي إلى هذا الوطن العظيم الذي أسسه الملك عبدالعزيز يرحمه الله رحمة الأبرار.. وبعده أبناؤه الأجلاء سعود وفيصل وخالد وفهد.. وعبدالله الذي نعيش في كنفه واحدا من أزهى العصور وأبهاها ونتفيأ ظلال بلد حباه الله من الإيمان.. والأمن.. والتوحد.. والقوة والصلاح ما نستطيع أن نفاخر به.. ونعتز بانتمائنا إليه ونتفانى في خدمته.. والحفاظ عليه من كل مكروه.
** كل ذلك تذكرته يوم أمس.. وأنا أقف في مشهد مهيب أودع الرجل الرجل.. والقدوة القدوة.. والشموخ الشموخ الذي عرفت به شخصيته المتميزة بكل خصائص القيادة والريادة والتميز.. فكرا.. ووطنية..وقوة شكيمة.. وبعد نظر.. فقد فرض احترامه على كل من عرفه.. أو اقترب منه.. أو تعامل معه في مواقع المسؤولية المختلفة.. وفي أوساط حياتنا المتعددة.
** وإذا كان هناك ما لا يمكن أن أنساه لسموه يرحمه الله .. طوال حياتي وأنا أقف في مشهد وداعه المهيب يوم أمس فهو قوله لي ذات مرة:
«أنت ابننا.. ووالدك أخونا.. وصديقنا وحبيبنا.. وأريدك أن تقتدي به.. وتسير على نهجه.. وتتعلم منه كيف يكون الكفاح والجهاد من أجل هذا الوطن العظيم.. فهو ابن مكة المكرمة التي شرفها الله.. وكل أبناء مكة، بل وأبناء هذا الوطن شرفاء.. ومخلصون لعقيدتهم .. ومليكهم.. وبلادهم.
قال لي سموه الكريم – يرحمه الله – هذا الكلام المؤثر وهو يغادر منزل والدي ذات أمسية رمضانية لا يمكن أن أنساها عندما شرفنا.. وسط حضور كبير من أبناء المملكة الذين جاءوا ليستمعوا إليه.. ويتزودوا بالكثير من حكمته.. وفي وقت كانت المنطقة تمر بظروف عصيبة.. شدد فيها سموه على الحضور بأن يتمسكوا وأن يعتصموا بحبل الله.. وأن يثقوا به.. وأن يتأكدوا بأن بلدهم ينعم بالأمان والاستقرار ما دام أن فيه شعبا مؤمنا.. وصادقاً.. وصدوقاً.. مع نفسه.. وقيادته وتراثه.
** هذا هو نايف بن عبدالعزيز الذي فقدناه أمس.. ولكننا لن ننساه.. ولن تغادر مآثره الجليلة قلوبنا جميعا كوطن وكمواطنين، لأنه رسم في أعماقنا كل معاني الوفاء والولاء الصادق.. نحو وطن هو الأعظم.. ونحو قيادة هي المصدر الأول لطاقات الحب.. والعطاء.. والتآخي.. والمودة التي تجمع بيننا وتجعلنا نقبل ثرى هذا الوطن.. ونخلص له.. ونحافظ عليه ونعاهد الله على أن نكون جنودا مجندين لمواصلة بنائه ونمائه وتقدمه.. وتأمين سلامته.. بما يترك لنا «نايف» من إرث خالد على مدى التاريخ.
** وإنها للحظات حزينة أن نودعه اليوم.. ولكننا ومن منطلق الإيمان بالله.. ومن موقع الثقافة التي غرسها في نفوسنا الملك الإنسان عبدالله بن عبدالعزيز ومن سبقوه من الملوك والأمراء الصالحين والمصلحين.. فإننا نقف اليوم وقفة إنسان واحد.. آمن بالله ربا.. وبالإسلام دينا.. نقف ونردد في دواخلنا: فليرحمك الله يا سيدي الأمير.. وليبارك لنا في عمر ولي أمر هذه الأمة ويطيل في عمره.. وسوف لن ننساك ما حيينا.. بعد أن تركت لنا إرثا عظيما من الإحساس بالقيم الإنسانية الخالدة.. وإلى أن يجمعنا الله بك في الدار الآخرة نقول لك يا سيدي.. وداعا.. وإن عشت معنا وفي داخل عقولنا ونفوسنا إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
* رئيس مجلس إدارة مؤسسة عكاظ للصحافة والنشر